نمط حياة شائع يساوي خطر التدخين على صحتك: الجلوس الطويل وقلة الحركة
في عصر التكنولوجيا والراحة، أصبح الجلوس لفترات طويلة جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، سواء في العمل أو أثناء مشاهدة التلفاز أو استخدام الهواتف الذكية. لكن هل تعلم أن هذا النمط السائد قد يكون ضارًا بصحتك بقدر ضرر التدخين؟

ما هو النمط الحياتي الذي يعادل خطر التدخين؟
أظهرت دراسات حديثة أن قلة الحركة والجلوس لفترات طويلة يمكن أن تكون ضارة بالصحة بقدر التدخين. فقد حذر خبراء الصحة من أن نمط الحياة الخامل، الذي يتضمن الجلوس المستمر دون نشاط بدني كافٍ، يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب، والسمنة، والسكري، وحتى الوفاة المبكرة.
كيف يؤثر الجلوس الطويل على صحتك؟
الجلوس لفترات طويلة يؤثر سلبًا على الجسم بعدة طرق:
تباطؤ في حرق السعرات الحرارية: يقلل الجلوس من معدل الأيض، مما يؤدي إلى زيادة الوزن.
زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب: يرتبط الجلوس المطول بارتفاع ضغط الدم ومستويات الكوليسترول.
مشاكل في العضلات والمفاصل: يؤدي إلى ضعف العضلات وتيبس المفاصل، خاصة في الظهر والرقبة.
تأثيرات نفسية: يمكن أن يزيد من مشاعر القلق والاكتئاب.
إقرأ أيضا:بشرى سارة لأصحاب “الكرش”: قد يحسّن صحة الدماغ!هل ممارسة الرياضة تعوض عن الجلوس الطويل؟
بينما تعتبر ممارسة الرياضة مفيدة للصحة، إلا أنها لا تعوض بالكامل عن الآثار السلبية للجلوس المستمر. فحتى الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية بانتظام يمكن أن يتعرضوا لمخاطر صحية إذا قضوا معظم يومهم جالسين.
ما هي التوصيات لتقليل مخاطر الجلوس الطويل؟
للحفاظ على صحتك، يُنصح باتباع الإرشادات التالية:
التحرك كل 30 دقيقة: قم بالوقوف أو المشي لبضع دقائق.
استخدام مكاتب الوقوف: إذا أمكن، استخدم مكتبًا يتيح لك العمل واقفًا.
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: استهدف 150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل أسبوعيًا.
تقليل وقت الشاشة: حدد وقت مشاهدة التلفاز واستخدام الأجهزة الإلكترونية.
كيف يمكن دمج النشاط البدني في الحياة اليومية؟
إليك بعض الطرق البسيطة لزيادة نشاطك اليومي:
استخدام السلالم بدلاً من المصعد.
المشي أو ركوب الدراجة إلى العمل أو المتجر.
القيام بتمارين خفيفة أثناء مشاهدة التلفاز.
الوقوف أثناء المكالمات الهاتفية.
لماذا يعتبر نمط الحياة الخامل “القاتل الصامت”؟
يوصف نمط الحياة قليل الحركة بأنه “القاتل الصامت” لأنه يتسلل تدريجيًا دون أعراض واضحة، حتى تظهر أمراض مزمنة فجأة. الخطر لا يكمن فقط في غياب التمارين الرياضية، بل في قضاء معظم الوقت جالسًا سواء في العمل أو السيارة أو المنزل.
إقرأ أيضا:لذاكرة حديدية.. 7 مهارات يستخدمها أبطال العالمأظهرت الدراسات أن الجلوس لأكثر من 6 ساعات يوميًا يرفع خطر الوفاة بنسبة 19% مقارنة بمن يجلسون أقل من 3 ساعات، بغض النظر عن مستويات النشاط البدني.
ماذا تقول الدراسات الحديثة عن قلة الحركة وخطرها على الصحة؟
وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Lancet الطبية، فإن قلة النشاط البدني تتسبب في حوالي 5.3 مليون حالة وفاة سنويًا حول العالم، وهو رقم يقارب عدد الوفيات الناتجة عن التدخين.
كما توصلت دراسة من جامعة كولومبيا إلى أن الجلوس أكثر من 12 ساعة يوميًا يزيد من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 37%، حتى عند ممارسة التمارين الرياضية يوميًا. وهذا يعني أن الجلوس المستمر يترك آثارًا سلبية لا تمحوها ساعة رياضة فقط.
هل الجلوس الطويل يسبب السرطان؟
نعم، فقد ربطت أبحاث متعددة بين الجلوس المطول وزيادة خطر بعض أنواع السرطان مثل:
سرطان القولون
سرطان الرحم
سرطان الثدي
يُعتقد أن السبب هو التأثير السلبي لقلة الحركة على مستويات الهرمونات والالتهابات المزمنة في الجسم.
ما العلاقة بين قلة الحركة ومرض السكري من النوع 2؟
قلة النشاط البدني تؤدي إلى مقاومة الأنسولين، وهي من الأسباب الأساسية لمرض السكري من النوع الثاني. أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يجلسون لفترات طويلة لديهم احتمالية أعلى بـ112% للإصابة بالسكري من النوع الثاني مقارنة بمن يتحركون بانتظام.
إقرأ أيضا:الأطباء يتوصلون لتقنية جديدة.. حل آلام الركبة يبدأ من الأذن!كيف تؤثر قلة الحركة على الدماغ والصحة النفسية؟
قلة الحركة لا تؤثر على الجسم فقط، بل تمتد أيضًا إلى الدماغ. قضاء وقت طويل دون حركة يقلل من تدفق الدم إلى الدماغ، مما قد يؤدي إلى:
تراجع في الذاكرة والتركيز
زيادة القلق والاكتئاب
اضطرابات النوم
أظهرت الدراسات أن الأشخاص النشيطين بدنيًا يتمتعون بصحة نفسية أفضل ومزاج أكثر استقرارًا.
كم عدد الساعات المسموح بها للجلوس يوميًا دون ضرر؟
لا يوجد رقم سحري، لكن الخبراء ينصحون بما يلي:
تجنب الجلوس لأكثر من 30 دقيقة متواصلة دون تحرك
تقليل الجلوس اليومي إلى أقل من 6 ساعات إن أمكن
استخدام قاعدة “20-8-2”: 20 دقيقة جلوس، 8 دقائق وقوف، 2 دقيقة مشي
هل الجلوس يسبب آلام الظهر والرقبة؟
نعم، يُعد الجلوس لفترات طويلة من الأسباب الرئيسية لآلام أسفل الظهر والرقبة، خاصة عند الجلوس بوضعية خاطئة. يؤدي ذلك إلى:
ضعف في العضلات الأساسية (Core Muscles)
ضغط زائد على العمود الفقري
تيبّس المفاصل
لذا، من الضروري تعديل وضعية الجلوس واستخدام كراسي صحية والقيام بحركات تمدد دورية.
ما الفرق بين نمط الحياة النشط والرياضة؟
هناك فرق واضح:
الرياضة: وقت مخصص لممارسة نشاط بدني كالجري أو رفع الأثقال.
نمط الحياة النشط: دمج الحركة في تفاصيل اليوم (صعود الدرج، المشي للعمل، الوقوف أثناء المكالمات…).
الأبحاث تشير إلى أن نمط الحياة النشط طوال اليوم له تأثير أكبر على الصحة من ممارسة الرياضة لمرة واحدة ثم الجلوس لساعات.
ماذا أفعل إن كانت طبيعة عملي تتطلب الجلوس طويلًا؟
إليك نصائح عملية مناسبة للأشخاص الذين لا يستطيعون تفادي الجلوس بحكم طبيعة عملهم:
استخدم منبه كل 30 دقيقة لتذكيرك بالحركة.
قم بتمارين التمدد أو القرفصاء السريعة بجانب المكتب.
اجعل الاجتماعات أثناء المشي إن أمكن.
اختر السلالم بدلاً من المصعد.
جرب استخدام مكتب قابل للتعديل للوقوف والجلوس.
كيف أقي نفسي من أضرار نمط الحياة الخامل؟
تناول طعام صحي غني بالألياف ومضادات الأكسدة.
مارس تمارين المقاومة (مثل رفع الأثقال) مرتين أسبوعيًا.
اشترك في نشاطات خارجية جماعية لزيادة الحافز.
قلل من وقت الشاشة، خاصة قبل النوم.
اجعل الحركة عادة يومية وليست مجرد قرار مؤقت.
نمط حياتك… قرارك!
قد لا يكون نمط الحياة الخامل مرئيًا كضرر التدخين، لكنه لا يقل خطورة عنه. إن كنت تبحث عن الوقاية من الأمراض وتحسين جودة حياتك، فابدأ بتغيير عاداتك اليومية، أضف بعض الخطوات، واجعل كل حركة لصالح صحتك.
حياتك ليست فقط عدد السنين، بل جودة تلك السنين… فلا تجعل الجلوس يقصّرها.