الأبيض أم البني.. هل يحدد لون البيض قيمته الغذائية؟
يُعتبر البيض من أكثر الأطعمة استهلاكًا في العالم، إذ يعد مصدرًا غنيًا بالبروتين والفيتامينات والمعادن الأساسية التي يحتاجها الجسم يوميًا. لكن رغم شهرته وفوائده الكثيرة، هناك جدل مستمر بين المستهلكين حول لون قشرة البيض: هل البيض البني أكثر فائدة من الأبيض؟ وهل اللون يرتبط بالقيمة الغذائية أم أنه مجرد اختلاف شكلي؟
في هذا المقال الشامل، سنتناول كل ما يتعلق بموضوع البيض الأبيض والبني، ونكشف الحقائق العلمية حول قيمتهما الغذائية، والعوامل التي تحدد لونهما، وطريقة اختيار البيض الأفضل لصحتك.
القسم الأول: لماذا يختلف لون قشرة البيض؟
يعتقد كثير من الناس أن البيض البني أغنى بالعناصر الغذائية من البيض الأبيض، لكن الحقيقة مختلفة.
لون قشرة البيض لا علاقة له بقيمته الغذائية، بل يعتمد بشكل أساسي على سلالة الدجاجة التي وضعته.
فالدجاج الذي يملك ريشًا أبيض وشحمة أذن بيضاء يضع بيضًا أبيض اللون،
بينما الدجاج الذي يملك ريشًا أحمر أو بنيًا وشحمة أذن حمراء يضع بيضًا بنيًا.
أي أن اللون في النهاية صفة وراثية بحتة، مثل لون الشعر أو العينين عند البشر.
القسم الثاني: ما السبب العلمي وراء اختلاف اللون؟
الفرق في اللون ناتج عن وجود صبغات طبيعية تفرزها الدجاجة أثناء تكوين القشرة.
إقرأ أيضا:يحارب الشيخوخة ويحسن الهضم.. أضف هذا المكون إلى الليمونفي حالة البيض البني، تنتج الدجاجة صبغة تُسمى البروتوبورفيرين (Protoporphyrin)، وهي مشتقة من الهيموغلوبين (مادة الدم الحمراء).
أما البيض الأبيض فلا يحتوي على أي صبغات، لذا تبقى قشرته بيضاء ناصعة.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك أنواعًا أخرى من البيض قد تكون زرقاء أو خضراء، وهي ناتجة عن صبغات مختلفة، مثل الأوكسي بيلفيردين (Oocyanin)، وتوجد غالبًا في سلالات دجاج معينة من أمريكا الجنوبية.
القسم الثالث: هل لون القشرة يؤثر على القيمة الغذائية؟
الجواب العلمي هو لا.
جميع الدراسات الحديثة أثبتت أن القيمة الغذائية للبيض لا تتأثر بلونه. فسواء كان أبيضًا أو بنيًا، فإن محتواه من البروتين، الدهون، الفيتامينات، والمعادن متقارب جدًا.
إليك مقارنة توضيحية بين البيض الأبيض والبني من حيث العناصر الغذائية لكل 100 غرام من البيض المسلوق:
العنصر الغذائي البيض الأبيض البيض البني
السعرات الحرارية 155 سعرة حرارية 157 سعرة حرارية
البروتين 13 غرام 13.1 غرام الدهون 11 غرام 11.2 غرام
الكوليسترول 373 ملغ 375 ملغ
فيتامين D 87 وحدة دولية 88 وحدة دولية
الحديد 1.2 ملغ 1.3 ملغ
كما يتضح، الفروقات طفيفة جدًا ولا تشكل أي تأثير فعلي على الصحة أو الفائدة الغذائية.
القسم الرابع: لماذا يظن البعض أن البيض البني أفضل؟
هذا الاعتقاد منتشر لعدة أسباب غير علمية، منها:
السعر الأعلى للبيض البني في بعض الأسواق، مما يوحي بجودته العالية.
مظهره الطبيعي الذي يعطي انطباعًا بأنه “عضوي” أو “بلدي”.
تسويقه من قبل بعض الشركات كمنتج صحي أكثر.
لكن الحقيقة أن سعر البيض البني يكون غالبًا أعلى لأن الدجاج البني يحتاج إلى تغذية أكثر ويستهلك كمية طعام أكبر، وليس لأن البيض أغنى بالعناصر الغذائية.
القسم الخامس: عوامل تؤثر على جودة البيض وليس لونه
إذا لم يكن اللون معيارًا للجودة، فما الذي يجعل بيضة أكثر فائدة من أخرى؟
هناك عدة عوامل مهمة تؤثر في القيمة الغذائية للبيض، من أبرزها:
نظام تغذية الدجاج
الدجاج الذي يتغذى على الحبوب الغنية بالفيتامينات والأوميغا 3 ينتج بيضًا يحتوي على نسبة أعلى من هذه العناصر، بغض النظر عن لون القشرة.
ظروف التربية
الدجاج الذي يُربى في بيئة مفتوحة ويتعرض لأشعة الشمس يكون بيضه غنيًا بفيتامين D مقارنة بالدجاج المحبوس في أقفاص.
عمر الدجاجة
كلما كانت الدجاجة أصغر سنًا، كان بيضها يحتوي على قشرة أكثر صلابة وبروتين أعلى.
طريقة الحفظ والتخزين
تخزين البيض في درجات حرارة مناسبة يحافظ على جودة البروتين والدهون، بينما التخزين الخاطئ يقلل من قيمته.
القسم السادس: هل يختلف الطعم بين البيض الأبيض والبني؟
من الناحية العلمية، لا يوجد فرق حقيقي في الطعم، ولكن بعض الناس يشعرون باختلاف بسيط، وغالبًا ما يعود ذلك إلى:
نظام تغذية الدجاجة (على سبيل المثال، الدجاج الذي يتغذى على الذرة يعطي بيضًا بطعم مختلف عن الذي يتغذى على الأعلاف الجافة).
طريقة الطهي (القلي، السلق، أو الخبز).
أي أن الطعم لا يرتبط بلون القشرة إطلاقًا، بل بنوعية الغذاء وطريقة التحضير.
القسم السابع: القشرة السميكة في البيض البني.. هل تعني فائدة أكثر؟
من الملاحظ أن البيض البني غالبًا ما تكون قشرته أكثر صلابة من الأبيض، وهذا يجعل البعض يظن أن له جودة أفضل.
لكن السبب بسيط:
الدجاج البني عادة أكبر حجمًا من الأبيض، وقشرته تحتوي على كمية أكبر من الكالسيوم، مما يجعلها أكثر صلابة، دون أي تأثير على الفائدة الداخلية.
القسم الثامن: بيض المزارع مقابل البيض البلدي
يُعتبر البيض البلدي (سواء أبيض أو بني) خيارًا مفضلًا لدى الكثيرين لأنه يُربى في بيئة طبيعية ويتغذى على أعلاف طبيعية.
إليك مقارنة سريعة:
العنصر بيض المزارع البيض البلدي
نمط التغذية أعلاف صناعية منظمة أعلاف طبيعية متنوعة
طريقة التربية في أقفاص مغلقة في بيئة مفتوحة
نسبة الدهون الجيدة معتدلة أعلى نسبيًا
فيتامين D أقل أعلى بسبب التعرض للشمس
الطعم والرائحة محايد غني ومميز
لكن هنا أيضًا لا يتعلق الأمر باللون، بل بأسلوب التربية ونوعية الغذاء.
القسم التاسع: فوائد تناول البيض بانتظام
بغض النظر عن اللون، فإن تناول البيض له فوائد عديدة تدعم صحة الجسم:
مصدر غني بالبروتين الكامل
يحتوي البيض على جميع الأحماض الأمينية الأساسية التي يحتاجها الجسم لبناء العضلات وتجديد الخلايا.
يعزز صحة الدماغ
يحتوي الصفار على مادة الكولين الضرورية لوظائف الدماغ والذاكرة.
يقوي البصر
بفضل وجود اللوتين والزياكسانثين، يساعد البيض على الوقاية من أمراض العيون المرتبطة بالتقدم في السن.
يدعم صحة القلب
عند تناوله باعتدال، يساعد على رفع الكوليسترول الجيد (HDL) وخفض الكوليسترول الضار (LDL).
يساعد في فقدان الوزن
لأن البروتين فيه يزيد الشعور بالشبع ويقلل الشهية.
يقوي العظام والأسنان
بسبب احتوائه على فيتامين D والفوسفور والكالسيوم.
القسم العاشر: مخاوف الكوليسترول – هل البيض مضر للقلب؟
كان البيض لسنوات طويلة متهمًا بأنه يرفع الكوليسترول ويسبب أمراض القلب، لكن الدراسات الحديثة أثبتت عكس ذلك.
الكوليسترول الموجود في البيض لا يؤثر بشكل كبير على الكوليسترول في الدم عند معظم الأشخاص.
الجسم ينظم إنتاج الكوليسترول داخليًا بحسب الكمية المتناولة من الغذاء.
تناول بيضة واحدة يوميًا لا يشكل خطرًا على القلب عند الأشخاص الأصحاء.
لذا يمكن القول إن البيض – سواء أبيض أو بني – آمن تمامًا عند تناوله باعتدال كجزء من نظام غذائي متوازن.
القسم الحادي عشر: كيفية اختيار البيض الأفضل
تحقق من التاريخ
اختر البيض الذي يحتوي على تاريخ إنتاج حديث وليس تاريخ انتهاء فقط.
افحص القشرة
يجب أن تكون نظيفة وخالية من التشققات أو البقع.
احفظه في الثلاجة
عند درجة حرارة بين 1 و4 درجات مئوية للحفاظ على جودته.
جرب اختبار الطفو
ضع البيضة في كوب ماء:
إذا غرقت، فهي طازجة.
إذا طفت، فهي قديمة ويجب التخلص منها.
القسم الثاني عشر: نصائح عند تناول البيض
لا تتناول البيض النيئ لتجنب الإصابة ببكتيريا السالمونيلا.
قم بطهي البيض جيدًا حتى يتماسك الصفار والبياض.
لا تفرط في تناوله إن كنت تعاني من ارتفاع الكوليسترول أو أمراض الكبد.
تناول البيض مع خضروات أو خبز أسمر لوجبة متوازنة.
القسم الثالث عشر: البيض في الأنظمة الغذائية المختلفة
النظام الكيتوني
يُعد البيض عنصرًا أساسيًا لأنه غني بالدهون الصحية وقليل الكربوهيدرات.
نظام إنقاص الوزن
تناول البيض في وجبة الإفطار يزيد الإحساس بالشبع طوال اليوم.
النظام النباتي المرن (Flexitarian)
البيض مصدر ممتاز للبروتين للأشخاص الذين لا يتناولون اللحوم يوميًا.
الأنظمة الرياضية
البيض المسلوق مصدر مثالي للبروتين الذي يدعم نمو العضلات بعد التمارين.
القسم الرابع عشر: البيض العضوي.. هل يستحق السعر؟
البيض العضوي غالبًا ما يُباع بسعر أعلى، ولكن الفرق الحقيقي بينه وبين العادي هو:
أن الدجاج يتغذى على أعلاف خالية من المبيدات والهرمونات.
ويُربى في بيئة مفتوحة طبيعية.
من حيث القيمة الغذائية، الفرق طفيف جدًا، لكن من حيث السلامة وجودة الإنتاج، يمكن أن يكون البيض العضوي خيارًا أفضل إذا كانت الأولوية للصحة العامة وجودة الغذاء.
القسم الخامس عشر: خرافات شائعة حول البيض
البيض البني طبيعي والأبيض صناعي – خطأ، فكلاهما طبيعي تمامًا.
البيض البني يحتوي على بروتين أكثر – خطأ، نسبة البروتين متقاربة جدًا.
البيض يسبب السمنة – بالعكس، يمكن أن يساعد في إنقاص الوزن عند تناوله بطريقة صحية.
صفار البيض ضار – الصفار يحتوي على معظم الفيتامينات والمعادن المفيدة.
القسم السادس عشر: ما الذي يحدد لون الصفار؟
كثير من الناس يلاحظون أن صفار بعض البيض أصفر باهت، بينما في بيض آخر يكون برتقاليًا داكنًا، ويعتقدون أن ذلك يدل على جودة أعلى.
في الواقع، لون الصفار يعتمد على نوع تغذية الدجاجة:
إذا كانت تتغذى على أعلاف غنية بالكاروتينات (مثل الذرة والجزر)، يكون الصفار برتقاليًا أكثر.
أما الأعلاف الصناعية الفقيرة بالأصباغ النباتية، فتعطي صفارًا أفتح لونًا.
لكن هذا لا يعني فرقًا كبيرًا في القيمة الغذائية، رغم أن الصفار الداكن يحتوي غالبًا على مزيد من مضادات الأكسدة.
القسم السابع عشر: البيض في ثقافات العالم
يُستخدم البيض في كل مطابخ العالم تقريبًا، وتختلف طرق تحضيره:
في الشرق الأوسط يُقدم مسلوقًا أو مقليًا مع الخبز والزعتر.
في آسيا يُستخدم في الأرز المقلي والحساء.
في الغرب يدخل في المعجنات والصلصات والحلويات.
وهو بذلك طعام عالمي يجمع بين البساطة والقيمة الغذائية العالية.
القسم الثامن عشر: البيض ومستقبل الغذاء الصحي
تتجه الشركات حاليًا إلى تطوير أنواع جديدة من البيض مثل:
البيض الغني بالأوميغا 3 عبر تغذية الدجاج ببذور الكتان.
البيض منخفض الكوليسترول عبر تعديل التغذية لتقليل الدهون المشبعة.
البيض النباتي (البديل النباتي) المصنوع من البروتينات النباتية لتلبية احتياجات النباتيين.
في نهاية المطاف، يمكن القول إن لون البيض لا يحدد قيمته الغذائية على الإطلاق. سواء كان أبيض أو بني، كلاهما يحتوي على نفس النسبة من البروتين والفيتامينات والمعادن.
الاختلاف الحقيقي يكمن في نظام تغذية الدجاج وطريقة تربيته، وليس في لون القشرة.
لذا عند شراء البيض، لا تهتم بلونه، بل ابحث عن البيض الطازج والنظيف والمحفوظ جيدًا، فهو ما يضمن لك التغذية السليمة والفائدة الصحية الحقيقية.
