تناول الجبن في المساء.. هل يسبب الكوابيس فعلًا؟
لطالما ارتبطت بعض الأطعمة بخرافات ومعتقدات غريبة، من بينها فكرة أن تناول الجبن قبل النوم يسبب الكوابيس. هذا الاعتقاد الشائع لطالما تداولته الثقافات الشعبية، لكن هل له أي أساس علمي؟ وهل يمكن حقًا لقطعة من الجبن أن تؤثر على أحلامنا أثناء الليل؟
في هذا المقال نستعرض الحقيقة وراء هذا الاعتقاد، ونوضح ما يقوله العلم عن العلاقة بين الجبن والأحلام المزعجة.
ما أصل الخرافة؟
يرجع هذا الاعتقاد إلى قرون مضت، تحديدًا في أوروبا، حيث كان يُقال إن تناول الجبن قبل النوم قد يسبب أحلامًا غريبة أو مرعبة. وقد تعززت هذه الفكرة في الأدب والقصص الشعبية، حتى أصبحت “حكمة دارجة” يتناقلها الناس دون تحقق.
لكن في العصر الحديث، بدأ العلماء في البحث عن الحقيقة خلف هذه الأسطورة.
ماذا يقول العلم؟
رغم ندرة الدراسات حول هذا الموضوع تحديدًا، إلا أن هناك بعض الأبحاث المثيرة للاهتمام:
دراسة بريطانية عام 2005
أجراها مجلس الجبن البريطاني (Yes, it exists!) على أكثر من 200 مشارك، وتوصلت إلى نتائج غير متوقعة:
لم يبلّغ أي من المشاركين عن كوابيس بعد تناول الجبن.
إقرأ أيضا:تعرف عليها.. مخاطر الإفراط في مكملات “أوميغا-3”على العكس، قال البعض إنهم شاهدوا أحلامًا واضحة أو غريبة، لكنها ليست مخيفة.
كما لاحظ الباحثون أن نوع الجبن قد يؤثر على طابع الحلم:
جبن الشيدر: مرتبط بأحلام تتعلق بالمشاهير.
جبن ستيلتون الأزرق: أدى لأحلام غير مألوفة.
جبن الشيدر الأبيض: نتج عنه نوم أكثر هدوءًا.
ورغم الطابع الخفيف لهذه الدراسة، إلا أنها لم تجد أي دليل على تسبب الجبن بالكوابيس.
هل الجبن يؤثر فعلًا على النوم؟
الجبن غني بمادة التريبتوفان، وهي حمض أميني يساعد الجسم على إنتاج:
السيروتونين: يحسن المزاج.
الميلاتونين: ينظم دورة النوم.
بالتالي، في بعض الحالات، قد يساعد الجبن في الاسترخاء والنوم بشكل أفضل. ومع ذلك:
الجبن الدهني أو المملح قد يسبب عسر الهضم إذا تم تناوله بكميات كبيرة قبل النوم، ما يؤدي إلى اضطراب النوم أو أحلام مزعجة.
الأشخاص الحساسون للكافيين أو الهيستامين (الموجود في بعض أنواع الجبن المعتّق) قد يختبرون أرقًا أو نومًا مضطربًا.
هل يسبب الجبن الكوابيس؟
الإجابة القصيرة: ليس بالضرورة.
لا يوجد دليل علمي قوي يثبت أن الجبن يسبب الكوابيس. بل على العكس، بعض مكوناته قد تساعد على النوم الجيد. لكن إذا تم تناوله بكثرة أو قبل النوم مباشرة، فقد يؤدي إلى اضطراب في المعدة أو نوم غير مريح، وهو ما قد ينعكس على الأحلام.
إقرأ أيضا:تناول البيض يومياً.. كم العدد المسموح قبل أن يصبح ضاراًنصائح لتناول الجبن مساءً دون قلق:
تناوله باعتدال، خاصة الأنواع الدهنية أو المالحة.
تجنب تناوله قبل النوم مباشرة (يفضل قبل ساعتين على الأقل).
اختر الأنواع الخفيفة مثل الجبن القريش أو الموزاريلا.
إذا لاحظت تكرار الكوابيس بعد أطعمة معينة، فراقب نظامك الغذائي ودوّن ملاحظات.
أفضل أنواع الجبن التي يمكن تناولها مساءً
إذا كنت من محبي الجبن ولا ترغب في التخلي عنه قبل النوم، فإليك بعض الأنواع التي تعتبر أخف على الجهاز الهضمي وقد تكون أكثر ملاءمة لموعد العشاء:
1. الجبن القريش (Cottage Cheese)
غني بالبروتين وقليل الدهون.
يحتوي على التريبتوفان الذي يعزز الاسترخاء.
يساعد في الإحساس بالشبع دون إثقال المعدة.
2. الجبن الأبيض الطازج
مثل الفيتا أو الحلوم قليل الملح.
أسهل في الهضم من الأنواع المعتّقة أو الصلبة.
3. الموزاريلا الطازجة
منخفضة الصوديوم وسهلة الهضم.
خفيفة ومناسبة لوجبة عشاء خفيفة.
بدائل غذائية للمساعدة على نوم هادئ
إذا كنت تبحث عن أطعمة أخرى تساعد على تحسين النوم وتجنب الكوابيس، فإليك بعض البدائل الطبيعية:
اللوز أو الجوز: غنيان بالمغنيسيوم والميلاتونين.
الموز: يحتوي على البوتاسيوم والتريبتوفان.
إقرأ أيضا:دراسة تفجر مفاجأة غير متوقعة عن قهوة الصباح.. ما القصة؟شاي البابونج: مهدئ طبيعي يساعد على النوم العميق.
الحليب الدافئ: تقليدي ولكنه فعّال في تهدئة الجسم.
الشوفان: يساعد على تنظيم السكر في الدم أثناء النوم.
متى يكون الطعام سببًا فعليًا في الكوابيس؟
رغم أن الجبن غالبًا لا يُسبب الكوابيس مباشرة، إلا أن بعض العوامل الغذائية قد تساهم فيها، مثل:
تناول وجبة دسمة أو حارة قبل النوم.
الإفراط في الكافيين أو السكر في المساء.
الأطعمة التي تسبب الغازات أو عسر الهضم.
التوتر أو مشاهدة محتوى مزعج قبل النوم (حتى مع نظام غذائي مثالي!).
الربط بين الجبن والكوابيس يبدو أنه أقرب إلى الأسطورة منه إلى الحقيقة العلمية. فالعامل الأهم هو الكمية، توقيت الأكل، ونوع الجبن. وعموماً، الجبن ليس عدو النوم، بل يمكن أن يكون جزءًا من نظام غذائي ليلي متوازن، إذا تم استهلاكه بذكاء.
إذا لاحظت أن أحلامك تصبح أكثر اضطرابًا بعد تناول أطعمة معينة، فقد تكون حساسًا لمكون فيها — وهذا يستحق المراقبة.
