دراسة مفاجئة: الشعور بالوحدة قد لا يعرّض المسنين للوفاة
لطالما اعتُبر الشعور بالوحدة أحد العوامل التي تهدد صحة كبار السن، وربطه العلماء في دراسات سابقة بزيادة خطر الوفاة المبكرة، وأمراض القلب، والخرف. لكن دراسة جديدة ومفاجئة قلبت هذه الفرضية رأسًا على عقب، مشيرة إلى أن الشعور بالوحدة قد لا يكون قاتلًا كما اعتقدنا – على الأقل ليس دائمًا.
فما الجديد؟ وكيف تؤثر هذه النتائج على فهمنا للصحة النفسية في مرحلة الشيخوخة؟

نتائج تثير الجدل
الدراسة، التي نُشرت في مجلة علمية متخصصة في الشيخوخة، تابعت أكثر من 4000 شخص مسن على مدار عدة سنوات، وقيّمت تأثير الشعور بالوحدة على خطر الوفاة مقارنة بعوامل أخرى مثل الصحة الجسدية، الحالة الاجتماعية، ونمط الحياة.
النتيجة المفاجئة؟
بعد ضبط العوامل الأخرى، لم يظهر أن الشعور بالوحدة في حد ذاته يزيد من احتمال الوفاة. بل تبيّن أن:
الحالة الصحية الجسدية الفعلية تلعب دورًا أكبر.
الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة لكنهم يتمتعون بنمط حياة صحي وبيئة داعمة يمكن أن يعيشوا بنفس المدة أو أطول من غيرهم.
التمييز بين “الشعور بالوحدة” و”العزلة الاجتماعية” ضروري، حيث لا تعني الوحدة بالضرورة غياب العلاقات، بل هي تجربة داخلية قد يتعامل معها الأفراد بطرق مختلفة.
إقرأ أيضا:علمياً… هذا هو أفضل توقيت للسحوركيف نفسّر هذه النتائج؟
هذه الدراسة لا تنكر أن الشعور بالوحدة يمكن أن يؤثر على جودة الحياة، لكنه قد لا يكون سببًا مباشرًا في الوفاة كما كانت تشير بعض الدراسات السابقة. ويُرجّح الباحثون أن:
المرونة النفسية لدى بعض الأفراد تسمح لهم بالتكيّف مع الوحدة دون أن تتدهور صحتهم.
الدعم غير المباشر (كالروتين، أو زيارة الطبيب المنتظمة، أو وجود جيران) قد يخفف من أثر الوحدة حتى لو لم يشعر الشخص بأنه “محاط”.
التمييز بين الوحدة المزمنة والمؤقتة أمر جوهري، فالتأثيرات النفسية والجسدية تختلف حسب السياق.
هل الوحدة ما زالت خطرة؟
نعم، لكن من منظور مختلف. لا يمكن تجاهل أن الوحدة قد تؤثر على:
الحالة النفسية (القلق، الاكتئاب).
الدافعية للحركة والتغذية.
الالتزام بالأدوية أو الرعاية الذاتية.
لكن وفق الدراسة الجديدة، هذه الآثار يمكن التخفيف منها إذا حصل الشخص على الدعم المناسب، حتى وإن لم يكن محاطًا بالأصدقاء أو العائلة دائمًا.
توصيات الباحثين
بدلًا من التركيز فقط على تقليل شعور الوحدة، تقترح الدراسة:
تعزيز الوصول إلى الخدمات الصحية والاجتماعية للمسنين.
الاهتمام بالأنشطة اليومية والروتين الصحي.
توفير مساحات للاندماج الطوعي، دون الضغط على كبار السن “للاختلاط” إن لم يرغبوا في ذلك.
إقرأ أيضا:لديك أرق؟.. إليك “تقنية الجنود” تجعلك تغط في نوم عميق بدقيقتينالاعتراف بتنوّع التجربة الإنسانية مع الوحدة، بدلًا من اعتبارها دائمًا مؤشرًا على الخطر.
الدراسة لا تبرّئ الوحدة من كل الاتهامات، لكنها تؤكد أن الوحدة لا تعني بالضرورة الهلاك. فالطريقة التي يختبر بها كل شخص الشعور بالوحدة، ومدى قدرته على التكيّف، ونمط حياته العام – كلها عوامل أكثر تأثيرًا في طول العمر من المشاعر المجردة وحدها.
ربما حان الوقت لننظر إلى الوحدة بشكل أكثر دقة، ونوفّر لكبار السن خيارات متنوعة للدعم، بدلاً من افتراض أن جميعهم بحاجة إلى “صحبة دائمة”.