في سابقة طبية عالمية، نجح فريق من الجراحين الأمريكيين في إجراء أول عملية زرع مثانة بشرية لمريض يبلغ من العمر 41 عامًا، يُدعى أوسكار لارينزار، كان يعاني من فشل كلوي وسرطان في الكلى. أُجريت العملية في مركز رونالد ريغن الطبي بجامعة كاليفورنيا، واستغرقت حوالي ثماني ساعات، حيث تم خلالها زرع كلية ومثانة من نفس المتبرع، مما أدى إلى تحسن فوري في وظائف الكلى لدى المريض .

ما الذي يجعل هذه العملية فريدة من نوعها؟
تُعد هذه العملية الأولى من نوعها في العالم، حيث تم زرع مثانة بشرية كاملة، وهو أمر كان يُعتبر معقدًا للغاية بسبب صعوبة الوصول إلى المنطقة وربطها بالأوعية الدموية. نجاح هذه الجراحة يمثل نقطة تحول في علاج المرضى الذين يعانون من اضطرابات خطيرة في المثانة .
كيف تمت العملية؟
بدأ الجراحون بزراعة الكلية، تلتها المثانة، ثم قاموا بتوصيل الكلية بالمثانة الجديدة باستخدام تقنية متطورة طوروها خصيصًا لهذا الغرض. أدت هذه التقنية إلى نتائج مشجعة وفورية، حيث بدأت الكلية في إنتاج البول على الفور، مما ساهم في تحسين وظائف الكلى لدى المريض .
ما هي فوائد زرع المثانة مقارنة بالخيارات الأخرى؟
تقليديًا، عند استئصال المثانة بسبب أمراض مثل السرطان، يتم إنشاء مثانة بديلة باستخدام جزء من الأمعاء أو تحويل مجرى البول إلى الخارج باستخدام كيس خارجي. هذه الخيارات قد تؤثر على جودة حياة المريض بسبب الحاجة إلى استخدام أكياس خارجية أو القسطرة. زرع مثانة بشرية يوفر حلاً أكثر طبيعية، حيث يمكن للمريض التبول بشكل طبيعي دون الحاجة إلى أجهزة خارجية .
إقرأ أيضا:عادة شائعة في الصيف قد ترفع خطر الإصابة بالجلطات الدمويما هي التحديات والمخاطر المرتبطة بزرع المثانة؟
رغم النجاح الباهر لهذه العملية، إلا أن هناك تحديات ومخاطر محتملة، مثل النزيف، العدوى، تسرب البول، احتباس البول، واختلال توازن الكهارل. كما قد يحتاج بعض المرضى إلى استخدام القسطرة لتفريغ المثانة البديلة. ومع ذلك، فإن هذه المخاطر تُعتبر مقبولة مقارنة بالفوائد المحتملة لتحسين جودة حياة المرضى .
ما هي الخطوات التالية بعد هذا الإنجاز؟
يأمل الأطباء أن تفتح هذه العملية الباب أمام المزيد من الأبحاث والتجارب السريرية لتوسيع نطاق استخدام زرع المثانة البشرية. كما يسعون إلى تطوير تقنيات جديدة لتحسين نتائج الجراحة وتقليل المخاطر المرتبطة بها. هذا الإنجاز قد يُحدث ثورة في مجال زراعة الأعضاء ويُحسن حياة العديد من المرضى حول العالم .
أسئلة شائعة حول زرع المثانة
هل يمكن لأي مريض الاستفادة من زرع المثانة؟
ليس جميع المرضى مؤهلين لزرع المثانة. يعتمد ذلك على عدة عوامل، بما في ذلك الحالة الصحية العامة للمريض، وجود أمراض مزمنة، ومدى تقدم المرض. يجب تقييم كل حالة على حدة من قبل فريق طبي متخصص .
ما هي مدة التعافي بعد العملية؟
تختلف مدة التعافي من مريض لآخر، ولكن بشكل عام، قد يحتاج المريض إلى البقاء في المستشفى لبضعة أيام بعد الجراحة، تليها فترة تعافي في المنزل تمتد لعدة أسابيع. خلال هذه الفترة، يتم مراقبة وظائف الكلى والمثانة الجديدة للتأكد من نجاح العملية .
إقرأ أيضا:“متلازمة الرأس المتدلي”.. شاب ياباني ينحني للأبد بسبب كثرة استخدام الهاتفهل هناك بدائل لزرع المثانة؟
نعم، هناك بدائل مثل إنشاء مثانة بديلة باستخدام جزء من الأمعاء أو تحويل مجرى البول إلى الخارج باستخدام كيس خارجي. كل خيار له مزاياه وعيوبه، ويجب مناقشة الخيارات المتاحة مع الطبيب المختص لتحديد الأنسب لكل حالة ويعتمد القرار غالبًا على نوع الإصابة أو المرض الذي أدى إلى استئصال المثانة، بالإضافة إلى عمر المريض وحالته العامة. بعض البدائل تشمل:
المثانة الجديدة (Neobladder): يتم إنشاؤها من جزء من الأمعاء وتُوصل بالحالب والإحليل، ما يسمح بالتبول بشكل طبيعي.
تحويل مجرى البول الخارجي (Urostomy): يتضمن نقل الحالبين إلى فتحة في البطن يُركب عليها كيس خارجي لجمع البول.
تحويل مجرى البول القاري (Continent urinary diversion): تُخزن فيه المثانة البديلة البول داخليًا، ويتم تفريغه باستخدام قسطرة.
كل هذه الخيارات تُستخدم حاليًا في حالات سرطان المثانة أو الأمراض المزمنة التي تستدعي إزالة المثانة، لكن زرع مثانة بشرية قد يصبح في المستقبل هو الحل الأمثل والأكثر فعالية.
هل يمكن أن تُعمم هذه التقنية على نطاق واسع؟
في الوقت الحالي، يُعد زرع المثانة إجراءً تجريبيًا تم تطبيقه على حالة واحدة ناجحة، لكن العلماء والأطباء يأملون في توسيع التجارب السريرية لتشمل مرضى آخرين. ومع توفر المزيد من المتبرعين وتحسين التقنيات الجراحية، قد تصبح هذه العمليات أكثر شيوعًا خلال السنوات القادمة، خاصة إذا أثبتت النتائج استقرار وظائف المثانة المزروعة على المدى الطويل.
إقرأ أيضا:ظهور حب الشباب في فروة الرأس.. الأسباب والحلولكيف تفتح هذه العملية آفاقًا جديدة في زراعة الأعضاء؟
هذه العملية لا تُعد مجرد إنجاز في زراعة المثانة، بل قد تمهد الطريق نحو زراعة أعضاء أكثر تعقيدًا في المستقبل، مثل:
الرئة والأمعاء الدقيقة والكبد الصناعي.
الأعضاء التناسلية لمصابي الحروب أو الحوادث.
تقنيات الزراعة باستخدام الأعضاء الحيوية المعدّلة جينيًا أو المطبوعة بتقنية الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد.
إذا استمرت النجاحات في هذا المجال، فقد نشهد تحولًا جذريًا في كيفية التعامل مع أمراض الأعضاء المعقدة التي لم يكن لها علاج فعال سابقًا.
رأي الأطباء والباحثين
أشار الجراح المسؤول عن العملية، الدكتور درو راسكول، إلى أن هذا الإنجاز لم يكن ليحدث لولا السنوات الطويلة من البحث والتعاون بين الجراحين، وأطباء المناعة، وخبراء زرع الأعضاء، موضحًا أن:
“زرع المثانة خطوة كبيرة في الطب التجديدي وزراعة الأعضاء، وقد يمنح الأمل لملايين المرضى في المستقبل.”
كما أشادت الجمعية الأمريكية لجراحة المسالك البولية بالعملية واعتبرتها “ثورة علمية طبية”.
إنجاز غير مسبوق يمهد الطريق لمستقبل طبي واعد
نجاح أول عملية زرع مثانة بشرية في الولايات المتحدة يشكل علامة فارقة في عالم الطب الحديث، ليس فقط بسبب ندرة هذا النوع من العمليات، بل لما تحمله من أمل جديد للمرضى الذين يعانون من أمراض المثانة المزمنة أو السرطان.
ومع توسع الأبحاث وارتفاع معدلات النجاح، قد يصبح زرع المثانة البشرية خيارًا واقعيًا في السنوات القادمة، مما يُحدث ثورة في جودة الحياة ويقلل الاعتماد على الحلول الاصطناعية أو المؤقتة.
