علماء يتوصلون لحل لغز قد يطيل عمر البشر لمئات السنين… الفضل في ذلك يعود إلى بروتين CIRBP
في اكتشاف علمي مثير، أعلن فريق من الباحثين في University of Rochester عن ارتباط واضح بين زيادة مستويات البروتين CIRBP وإطالة عمر إحدى الحيوانات البحرية الاستثنائية، ما يفتح الباب أمام احتمالات كبيرة لتطبيق هذه الآلية على البشر.

ما هو البروتين CIRBما علاقة الحيتان بطول العمر البشري؟
الحيتان من فئة «بووهيد» تُعرف بأنها من أطول الثدييات عمرًا — حيث لو تمتع الفرد منها بصحة جيدة، فقد يعيش لأكثر من 200 سنة.
ولطالما تساءل العلماء: لماذا لا تعاني هذه الكائنات الضخمة من معدلات أعلى للسرطان رغم أنها تحتوي على عدد هائل من الخلايا مقارنة بالإنسان؟ هذه الظاهرة تُعرف بـ «مفارقة بيتو» (Peto’s Paradox) — أي أن تزايد حجم الجسم وعدد الخلايا لا يؤدي بالضرورة إلى معدلات أعلى للسرطان كما كان يُظن. Discover Magazine
إحدى الإجابات التي توصل إليها الباحثون هي أن بووهيد تمتلك آليات فائقة لإصلاح الخلل في الحمض النووي، حيث CIRBP يلعب دورًا محوريًا فيها.
ما الذي وجدته الدراسة تحديدًا؟
في خلايا الحيتان المذكورة، لوحظ وجود مستويات عالية جدًا من CIRBP مقارنة بالأنواع الأخرى.
إقرأ أيضا:فوائد صحية متعددة للزنجبيل.. بينها مكافحة الالتهاباتعند إدخال نسخة من هذا البروتين إلى خلايا بشرية أو خلايا ذباب الفاكهة (fruit flies)، تحسّنت قدرة هذه الخلايا على إصلاح التلف في DNA، كما عاشت ذبابة الفاكهة مدة أطول.
لوحظ كذلك أن انخفاض درجة الحرارة يؤدي إلى زيادة إنتاج CIRBP، وهو ما قد يفسّر تأقّل الحيتان لبيئتها الباردة.
لماذا يشكل هذا الاكتشاف نقلة نوعية في فهم الشيخوخة وعمر الإنسان؟
إصلاح DNA سيصبح مفتاحاً لشباب أطول
بما أن تلف الحمض النووي وتراكم الطفرات هما من العوامل الأساسية للشيخوخة والأمراض المزمنة، فإن تحسين قدرة أجسامنا على الإصلاح قد يطيل «السنّ الصحي».
إمكانية تطوير تدخلات طبية مستوحاة من الطبيعة
ما يظهره الاكتشاف أن الطبيعة اختبرت وتطورت آليات فريدة للطول الحَيَويّ، وبإمكاننا – نظريًا – استلهامها لتطوير علاجات أو وسائل لتعزيز نفس العمليات في البشر.
تغيير النظرة تجاه «عمر الإنسان الأقصى»
إذا أمكن ترجمة تأثير CIRBP أو آليات مشابهة لدى الإنسان، فقد يتغير مفهومنا لعُمر الإنسان الطبيعي ويُصبح «مئات السنين» إطاراً مُحتَملاً.
ما هي الخطوات القادمة التي يخطط لها الباحثون؟
اختبار تأثير زيادة CIRBP في الحيوانات النموذجية مثل الفئران لمعرفة إن كانت تمدد عمرها أو تحسّن صحة أجهزتها الحيوية.
دراسة الوسائل الآمنة لرفع مستويات CIRBP أو تنشيط وظائفه لدى الإنسان، سواء عبر التعديل الجيني أو العقاقير أو تغييرات أسلوب الحياة.
إقرأ أيضا:تناول الحليب البقري أفضل من الشوفان.. و6 فوائد تبين الفرقبحث تأثيرات التعرض للبرد أو الحمام البارد أو غيرها من العوامل التي قد تحفّز إنتاج CIRBP في الإنسان.
ما الذي يعنيه هذا لنا الآن؟
على الرغم من أن «إطالة العمر لمئات السنين» ما زال هدفًا بعيد المنال، إلا أن ما تحقق حتى الآن يُعدّ خطوة مثيرة نحو ترجمة مفاهيم «الشباب الدائم» إلى واقع. لكن يجب التنويه إلى أن:
هذه الأبحاث ما زالت في مراحلها الأولى، ولم يُعد بعد اختبارها على البشر.
رفع المستويات الجينية أو البروتينية بدون فهم شامل قد يحمل مخاطر.
الشيخوخة عبارة عن عملية متعددة الأبعاد تشمل الجينات، البيئة، التغذية، النشاط البدني، النوم، والعوامل الاجتماعية.
كيف يمكن للأفراد دعم الصحة وطول العمر الآن؟
حتى قبل توفر تدخلات CIRBP المباشرة، هناك ممارسات تدعم الصحة وتُسهم في إطالة «السنّ الصحي»:
الحفاظ على نظام غذائي غني بالخضروات، الفواكه، الدهون الصحية والبروتين.
النشاط البدني المنتظم.
النوم الكافي والمنتظم.
تجنّب التدخين وتقليل التعرض للسموم البيئية.
الحفاظ على صحة الدماغ والتواصل الاجتماعي.
وربما… التفكير في التحدّيات مثل “الحمام البارد” كجزء من تنشيط العمليات الأيضية والبيولوجية — مع الحذر واستشارة الطبيب.
ماذا يعني هذا بالنسبة للمستقبل؟
إذا تمكن الباحثون من ترجمة هذه الاكتشافات إلى علاجات بشرية، قد نعيش في عصر يصبح فيه عمر الإنسان ليس 70 أو 80 فقط، بل ربما يكون مئات السنوات — ليس فقط كمؤبد للوجود، بل كعمر صحي يرفق به الحيوية والانتاجية.
لكن الطريق طويلٌ، والتحديات كثيرة:
كيف نرفع CIRBP بأمان لدى الإنسان؟
هل آثارها الجانبية ستكون مقبولة؟
كيف ندمج هذا مع العوامل الأخرى مثل التمثيل الغذائي والهضم والدماغ؟
كيف نضمن أن لا يصبح «المئات من السنين» مجرد امتداد عمر آلي بدون جودة حياة؟
اكتشاف دور بروتين CIRBP في الإبقاء على شباب الحيتان المذهل هو مهم في علم الدراسات العمرية. هذا الاكتشاف قد يفتح أبوابًا لـ«ثورة طول العمر» بشرط مواصلة الأبحاث بتأنٍّ وتحفظ.
هو تذكير بأن الطبيعة تحمل أسراراً قد تحول بها مستحيل اليوم إلى ممكن غدًا — وأن فكرة «العيش مئات السنين» قد لا تكون مجرد حلم بعد الآن، بل هدفاً علمياً يجري السعي إليه بجد.
“هذه الأبحاث تُشير إلى أن بإمكاننا تحسين إصلاح جينومنا… ليس فقط التعايش مع التقدم في السن، بل التغلب عليه” — البروفسورة Vera Gorbunova، جامعة روتشستر.
إذا كنت مهتمًا بمستقبل الصحة وطول الحياة، فتابع هذه المسيرة البحثية لأنها قد تغيّر مفهومنا للحياة نفسها!
